أثر الخبرة الفنية في التكييف الفقهي

Abstract

من خلال هذه الدراسة يمكننا الخروج بالخلاصات و النتائج الآتية : 1- الخبرة الفنية هي عملية تحر دقيق في فرع من فروع المعرفة المتخصصة، فقد تكون هذه الخبرة طبية، أو نفسية، أو حسابية، أو فلكية ..... الخ 2- الخبرة بمفهوم الفقهاء القدامى أعم و أشمل من الخبرة بمفهوم المحدثين سواء عند فقهاء الشريعة الإسلامية، أو فقهاء القانون، ذلك أن هؤلاء الأخيرين عرفوها على أنها و سيلة إثباث أمام القضاء فحسب، في حين نظر إليها القدامى على أنها علم بالبواطن و الخفايا، سواء في ميدان القضاء، أو الفتوى. 3- تستمد الخبرة الفنية مشروعيتها في الإسلام من نصوص القران الكريم، و السنة النبوية الشريفة، و كذا أقضية و فتاوي الصحابة، كما تستمدها أيضا من الواقع العملي . 4- أسباب اللجوء إلى الخبرة الفنية كثيرة و متعددة كثرة مسائل الحياة، حيث يلجأ اليها في باب المنازعات الإدارية، و الجنائية، و الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية . 5- يضاف إلى الأسباب السابقة، أن الخبرة الفنية في الشريعة الإسلامية هي احترام لمبدأ التخصص الدقيق في عصرنا الحاضر، الذي يشهد انفجار المعرفة حتى صار يوسم بعالم المعرفة. 6- يشترط في الخبرة الفنيــــة شرطان هما: أن تكون الخبرة فنية بحتة، و أن تدعو إليها ضرورة، أو حاجة، كما أن الشريعة الإسلامية اشترطت في الخبرة الفنية شروطا عديدة، منها ما هو محل اتفاق بين الفقهاء كـــالعقل و البلوغ و العلم و العدالة ، و منها ما هو محل اختلاف كالاسلام و العدد . و اشترط القانون نفس الشروط أو قريبا منها و أضفى صفة الخبير على الشخصي الاعتباري . 7- دلالة الخبرة الفنية على الأحكام في الشريعة الاسلامية قطعة يقينية إذا كانت مطابقة للواقع مطابقة تــامة ، و ظنية ظنا راجحا إذا لم تكن كذالك، و يستأنس بها عندئذ مالم يرد مايعارضها. أما دلالتها على الأحكام في القانون اذا كانت مستوفية الشروط، فكدلالة الوثائق الرسمية سواء بسواء . 8- من مجـــالات الأخذ بالخبرة الفنية في الشريعة و القانون مجال الأحوال الشخصية، فيما يتعلق بالعيوب و الأمراض الزوجية ، و الحجر ، و تحديد أقصى و أدنى مدة للحمل ، و في مجال المسائل المدنيــة، العيوب المتعلقة ببيع المنقولات، و الحيوانات، و العقارات، و كذا الغبن في بيع العقار، و قسمة الملـك المشاع ، و في المجال الجنائي الجنائي، القصاص في الجراح، و ما يقرر فيه حكومة العدل ، و انتفاء المسؤولية الجنائية في الخطا الطبي ، و كذا تحديد هوية المجرم عن طريق البصمات ،و فحص الدم لتحديد نسبة الكحول في الدم ، أو إثبات النسب و نفيه، و الطب الشرعي، و الاختيارات الكميائية . 9- أن نزع أجهزة الانعاش عن الميت دماغيا جائز و مشروع، طالما أن الذي سيصدر هذا الحكم هو الطبيب الخبير المختص ، و هو ما انتهت إليه قرارات المجامع الفقهية الإسلامية، و أقرته العديد من دول العالم . 10- أن مسألــة إثبات هلال رمضان بالحساب الفلكي، إذا كان في القديم ما يبرر عدم اعتبارها و الاعتداد بها، فإنها أضحت اليوم تطرح نفسها بإلحاح، و تنتظر من الهيئات الشرعية، ممثلة في المجامع الفقهية الإسلامية، أن تفصل فيها بما يتوافق مع مقاصد الإسلام و كلياته العامة ، و بما يحقق للأمة الإسلامية وحدتها الشعائرية التعبدية . 11- جريمة الاغتصاب بما تمثله من اعتداء صارخ على الفصيلة و العرض يجوز إثباتها بالخبرة الفنية عن طريق التحليل المخبري، حتى لا يفلت الجاني بجرمه من يد العدالة، و حتى تقام عليه العقوبة الرادعة له ولأمثاله من الجناة، إلا أنه في الشريعة الإسلامية لا يثبت بها الحد إذا أنكر الجاني فعلته، و تثبت بها العقوبة التعزيرية المناسبة، بما يحقق مصلحة المجتمع، ويقطع دابر الرذيلة . 12- إثبات النسب بالخبرة الفنية، جائز و مشروع شرعا و قانونا، مع ملاحظة أن الشريعة الإسلامية لا تعترف بالنسب الطبيعي الذي ينتج خارج مؤسسة الزواج و بالتالي فهي تجيز العمل بهذه التقنية بحذر، و في حدود ضيقة، لا للتأكد من الأنساب الثابثة شرعا، أو نفيها، أو إلغاء الإجراء الشرعي لنفي النسب المتمثل في اللعان . 13- الخبرة الفنية في الإسلام تشمل جميع أبواب الفقه، من عبادات و معاملات إلى جانب شمولها بداهة لمسائل القضاء، الأمر الذي يفرض على الفقهاء و المفتين سواء كانوا أفرادا، أو مؤسسات، الرجوع إليها و اعتمادها في إصدار الفتاوى و تقرير الأحكام .