Title: | الكليات الفقهية من كتاب تبصرة الحكام لابن فرحون (ت799هـ) |
Author: | لروي, عائشة; سنيني, محمد / مؤطر |
Abstract: |
فالفقه بحر لا ساحل له، ركبه السلف الصالح، فخبروا أغواره وكشفوا أسراره وخباياه، فاستنبطوا الأحكام، وفرعوا الفروع عليها، مجابهة منهم للمستجدات والمشكلات الواقعة والمتوقعة. فنتج عن ذلك ثروة علمية هائلة من الأحكام والفروع الفقهية، التي أغنت صرح الفقه الإسلامي بكمٍ ضخمٍ من المؤلفات الدالة على جهدهم واجتهادهم، فقد أفنوا العمر لبناء هذا الصرح، وفتحوا بذلك المسالك لينسج من جاء بعدهم على منوالهم ويتم ما بدؤوه. ولما كان الفقه الإسلامي هو الميزان الذي توزن به تصرفات الناس، والمرآة التي تعكس فيها أوضاع حياتهم، فقد تنبه الفقهاء إلى وجوب تقريب هذا الفقه للخاصة والعامة، خاصة بعد فتور الهمم وضعف الحفظ، وتسهيلاً على المبتدئ والمنتهي للوصول إلى الأحكام دون الوقوع في التناقض الذي تفرضه كثرة الجزئيات و تشعبها، وحتى يبقى الفقه الإسلامي مسايراً لكل عصر، خادماً للمستجدات والحوادث اللامتناهية في ظل النصوص المتناهية والمحصورة. من أجل هذه الغاية ونظراً لتضخم الفقه الفروعي، عَمد الفقهاء إلى استحداث أساليب متنوعة من أجل تيسير الفقه وتيسير إدراكه وابتغاء تحصيل ملكته وبلوغ رتبة الاجتهاد فيه. من بين هذه الأساليب التي انتهجها الفقهاء و التي تعبر عن عبقرية العقل المسلم: اختصار المطولات برد الكثير إلى القليل، وذلك بضم المادة العلمية الواسعة في تعبيرات وكلمات موجزة و دقيقة، وهذا بتلافي الأدلة و الشروحات و الاستدراكات... إلا أن هذا الأسلوب انتقد بشدة بسبب المبالغة أحياناً في الاختصار الذي وصل إلى حد التعقيد والألغاز التي لا تُفك إلا بشرح أو حاشية، فنتج عن ذلك تضخم من نوع آخر، إذ أصبح للأصل المختصر العديد من الشروح و الحواشي التي يعجز العقل عن الإلمام بها، لذا فالاختصار سلاح ذو حدَّين يجب حسن استخدامه، فهو ضروري لإلمام طالب العلم بجميع مسائل الفقه, ولكن عليه أن يتوسع إلى الأمـهات وآراء العـلماء وأصول المسائل الفقهية من الكتاب والسنة. وكذا هذبوا المدونات لتقريبها من المتلقين، و ذلك بالتقديم و التأخير، وحذف التكرار، وتجميع فروع المسألة الواحدة المشتتة، وترتيب الكتاب ترتيباً منهجياً يسهل تناوله والرجوع إليه، كل هذا بغية الإيجاز و تصفية مادة الكتاب بحذف ما هو غير ضروري، كما فعلوا بتهذيبهم"المدونة" وغيرها من الأمهات الفقهية. كما عَمَد الفقهاء إلى نظم المسائل الفقهية بل حتى نظم كتب فقهية في منظومات بأسلوب سلس وعبارة سهلة ترسخ في الأذهان، فيسهل استحضار الحكم الفقهي عند الحاجة فور النطق بالبيت الشعري الذي ينظمه. أما أنجع أسلوب لتيسير الفقه فهو تقعيده، فقد لاحظ الفقهاء أن بعض الفروع الفقهية يجمعها رابط واحد، فقعدوا الفقه حتى لا تبقى فروعه مشتتة لا ترجع إلى أصل ولا يحيط بها ضابط، فنظموه بذلك في سلك واحد بحيث يسهل استحضار تلك الفروع بمجرد ذكر القاعدة، الشيء الذي يخدم الفقه والفقيه المتخصص، والدارس غير المتخصص بل وحتى المثقف العادي، حيث يتمكن من الاطلاع على الفقه الإسلامي من خلال قواعده. وإن كانت القواعد الفقهية تجمع الفروع من أبواب شتى، فإن المالكية وزيادة في تيسير الفقه على طالبيه، عمدوا إلى التأليف في فن الكليات الفقهية، والتي هي في مجملها تجمع فروع فقهية تنضوي تحت باب واحد، هذه الكليات الفقهية التي وضعت أساساً لتقريب الفقه من المبتدئ والمتعلم الصغير حتى يتعلم في مراحله الأولى كيف يستحضر الأحكام في الباب الواحد، وحتى لا يشتت ذهنه بين الأبواب الفقهية، فيضيع ولا يُحصِّل شيئاً. ولقد اتجهت الأبحاث مؤخراً إلى استخراج القواعد والضوابط الفقهية المبثوثة في تراث الفقهاء ثم دراستها وربطها بفروعها، نظراً لما لهذه العملية من أهمية في النهوض بالفقه الإسلامي إلى مستوى التنظير والتأصيل لفروعه. ولما كانت الدراسات من هذا النوع تهتم بالقواعد الفقهية الكلية، فإني في هذا البحث وبعدما عولت على استخراج ودراسة القواعد الفقهية من كتاب " تبصرة الحكام " لبرهان الدين ابن فرحون، لاحظت وجود جملة من الكليات الفقهية التي يحتاجها القاضي لدعم رأي من الآراء القضائية عند الحكم به، وكذا المفتي في فتاويه، فحوَّلت مسار البحث- بإيعاز من الأستاذ المشرف- إلى دراسة هذه الكليات، خاصة وأن فن الكليات الفقهية لم يحظ بالدراسة على المستويين النظري والتطبيقي. Moslem jurisconsults had established various methods to facilitate the Islamic jurisprudence (fikh) and its understanding as well as acquiring its talent and achieving thinking ability (ijtihad) in it. Among these methods, I mention the following: - Abridging the lengthy references in this subject by compressing the vast scientific materials in short expressions through the avoidance of arguments, explanations and supplementary additions, etc. - Facilitating great written works (al modawanate) to provide the reader with easy access. - Putting Islamic legal matters in verse in easy style and diction for quick memorisation, making it, thus, easy to remember the legal matter on pronouncing the line of poetry that contains it. - However, the most efficient way to facilitate the study of the Islamic jurisprudence is to codify it. The legal scientists noticed that Islamic legal branches (fourou’) have the same link. This pushed them to codify the Islamic jurisprudence in order to put together these branches. Thus, by remembering the rule the branches of this science could be cited as well. This operation is useful for the Islamic jurisprudence, the specialised jurisconsults as well as non-specialised people to be able to know about the Islamic jurisprudence from its rules. Besides, the Islamic legal rules are a source of deduction of the Islamic legal rulings for new questions. However, they are not held in the same degree of comprehension and width. This is due to the fact that there are major universal rules grouping the branches (fourou’) from several chapters, whereas the global rules often group them from only one chapter. They are headed by the word: all. In zeal of facilitating even more the major universal rules of the fikh, the Malikite scholars were pioneers in composing the art of the universal rules (El Kouliate). Among them are the following authors: El-Kouliate El-Fikhia (The Major Universal Jurisprudence) by El-Imam El-Makkari, and another work with an identical title composed by El-Imam Ibn Ghazi. These major universal rules have been composed mainly to bring the fikh closer to beginners and young learners so that they learn in their first stages how to evoke rulings in the same chapter of fikh. This is the subject of this research work that is concerned with extracting the major universal fikh rules from a book in this subject entitled Tabsirat El-Hukkam Fi Ossoul El-Akdiat wa Manahidj El-Ahkam, accompanied with a study and a referencing to their origins. The book is a valuable work, which studies the Islamic judicial science, written by a famous Malikite rite scholar in the Medina El-Mounawara: Bourhan-Eddine Ibn Ali Ibn Farhoun (died in 799 of the Hejira). Judge Ibn Farhoun was considered a pioneer of the Malikite rite because he revived this rite in Medina from his appointment as a judge there in 793 of the Hejira till his death. Ibn Farhoun was an author of several works of which the most renowned is Ed-Dibaj and Tabsirat El-Hukkam. Nonetheless, the Tabsirat is has more fame for it was the first Malikite book that regrouped the origins (fundamentals) of the judiciary science. Finally, I hope I have succeeded in this research work and that it will be an efficient contribution to boosting the Islamic jurisprudence. I also implore Allah the Almighty to accept this work and He be praised. |
URI: | http://localhost:8080/xmlui/handle/123456789/643 |
Date: | 2005 |
Files | Size | Format | View |
---|---|---|---|
لروي عائشة الكليات الفقهية.pdf | 8.577Mb |
View/ |