Abstract:
|
لا شك أن السلطة السياسية بعد التصحيح الثوري لعام 1965 أولت اهتماما غير عادي بظاهرة التسول؛ غير أن نظرتها إلى هذه الظاهرة لم تكن موفقة؛ إذ كان الأولى معالجتها باعتبارها نتاج وضع اقتصادي متخلف وحالة اجتماعية متردية. فقد نتج عن الثورة التحريرية، وسياسة فرنسا الاستعمارية في قمع هذه الثورة عشرات الآلاف من اليتامى و الثكلى و المعطوبين و المشردين. إذن الظاهرة لم تكن بحاجة إلى قمع متشدد؛ و إنما إلى تنمية في شتى مناحي الحياة.
و لا شك أن خلّو سجلات النيابة العامة في كامل التراب الوطني من أي متابعات جزائية على هذه الجريمة ينبئ بجلاء أن تجريم التسول في ذاته ليس حلاّ.
غير أن ما يستحق التجريم هو استغلال الغير في التسول، خاصة الأطفال و العاجزين. و هذا هو ما تقرر في قانون العقوبات الفرنسي منذ عام 2003. و لا يمكن التعويل في هذا الشأن على ما ورد في المادة 303 مكرر 4، بالنظر إلى انعدام مثل هذه الجرائم في الجزائر؛ و بالنظر إلى أن جرائم الاتجار بالبشر تنتشر في الدول المعروفة بنشاط المنظمات الإجرامية، والدول التي تعاني من أوضاع سياسية و اقتصادية مزرية.
و لقد كثر الحديث هذه الأيام في شتى المنابر عن توجه جديد من لدن المشرع الجزائري بخصوص ظاهرة التسول. و من أهم معالمه تجريم استغلال الأطفال في هذه الجريمة، و تكريس بعض أنواع من العقوبات التكميلية، و أهمها إسقاط حقوق السلطة الأبوية. |