Abstract:
|
إن القرنين الهجريين الحادي عشر و الثاني عشر – السابع عشر و الثامن عشر الميلاديين- يشكلان عصر النهضة العلمية في إقليم توات ، إذ تزايد فيهما تعداد الأعلام ، و تجلت ملامح النهوض العلمي في الانتقال من طور التبعية العلمية إلى طور المحاكاة و إنتاج البدائل المحلية ، فاتجهت همم العلماء إلى كتابة الشروح و الحواشي الفقهية ، و نظم الشعر العلمي و الأدبي.
لقد كانت الصبغة الدينية غالبة على كل ما كتبه التواتيون ، فحتى الشعر لم يجاوز معظمه دائرة المديح ، و لم يكن ذلك بالمستغرب في بيئة صوفية الوجهة . و تأتي كتب النوازل في طليعة الكتابة الفقهية التي نالت الحظ الأوفر من العناية .
لقد عنيت كتب النوازل بجمع الحلول و الأجوبة الفقهية لما ينزل بالناس من أقضية و وقائع، و هي بطبيعتها تلك مرآة تتمثل فيها الأحداث الحية التي عاشها الناس ، و تصور ألواناً من حياتهم و معاملاتهم و عاداتهم . و المكتبة التواتية تزخر بعديد النوازل ، في طليعتها : نوازل عمر بن عبد القادر التنلاني ، نوازل عبد الرحمن الكنتوري ، نوازل الزجلوي و الغنية البلبالية .
ما فتئ الدارسون يشيرون منذ مدة إلى أهمية النوازل الفقهية في التعرف على أحوال المجتمعات ، غير أن هذه الأهمية المجمع عليها لا تجعل من النص النوازلي المادة الوحيدة للتركيب التاريخي ، و هو ما يفرض على الباحث الاستعانة بالأدوات المصدرية الأخرى .
و هذا البحث يأتي محاولة لتفكيك الحالة الاقتصادية التي كان عليها إقليم توات ، تعريفاً بأنماط العيش و علاقتها بصور النشاط الاقتصادي ، ثم وقوفاً على النظام الضريبي الذي أُخضع له الإقليم . و مجال الدراسة الزمني حقبة مميزة كان للإقليم فيها دور بارز في الحياة الاقتصادية لعموم بلاد الغرب الإسلامي و إفريقيا جنوب الصحراء . |