Abstract:
|
شهدت بلاد المغرب خلال القرن الرابع الهجري قيام أول خلافة شيعية على أراضيها، والمتمثلة في سلطة الفاطميين الذين حكموا المنطقة مباشرة خلال النصف الأول من هذا القرن وذلك مابين سنة (296- 362هـ/ 908-972م) ، غير أنه ترتب عن هذا التحول السياسي والمذهبي موجة من الحركات المعارضة بأنواعها ومظاهرها. وما تحدي وصمود العناصر المالكية أمام المد الشيعي الإسماعلي خلال هذا القرن سوى أنموذجا لما سيعرض في هذه المداخلة. وقد تجلت تلك المقاومة بمظهرين متكاملين، المظهر السلمي ثم تبعه بعد فشله المظهر المسلح، غير أننا سنتولى الحديث عن عرض أشكالها ومظاهرها وما ألت إليه من نتائج.
ويبدو أن الخلاف بين المالكية والشيعة قد بلغ أقصى مداه في هذا الطور المغربي من التاريخ الفاطمي، بل وظهر في أكمل مظاهر العنف حيث لم يقتصر فيه المالكية على المعارضة الجدلية والرفض السلمي فحسب، بل أشهروا حربا ضروسا كادوا يحققون فيها النصر، غير أن هنالك عديد من الأسباب حالت بينهم وبين ذلك والتي سنردها في هذا المقام. ويمكن تقسيم الصراع بين المالكية والشيعة الإسماعيلية في بلاد المغرب إلى مرحلتين أساسيتين، بدأت المرحلة الأولى بمواجهة فكرية صارمة، أما المرحلة الثانية فقد اتسمت بإشهار المالكية السلاح في وجه الفاطميين حين تحقق بعض علماء السنة وبخاصة المالكية منهم من خطر الوجود الفاطمي على عقيدة أهل المغرب بعامة وعلى مذهب مالك بخاصة، إذ كان يشكل القوة الرئيسية لأهل السنة بالمغرب، وألبوا الرأي العام ضد الفواطم وأجمعوا على أن قتالهم واجب وجهادهم فرض عين، ويبدو أن العناصر المالكية شكلت موقفا معارضا كاد أن يحدق بدولة الفاطميين ودعوتهم الإسماعيلية. وسأرد ذلك التحدي والتصدي ضمن المداخلة التفصيلية. |