قراءة في جغرافية المذهب المالكي بشبه الجزيرة العربية

Abstract

إن المتأمل في مسيرة الفقه الإسلامي لا يلبث أن يشد انتباهه ظاهرة فريدة ومتميزة تخص المذهب المالكي، وهذه الظاهرة هي سعة انتشار المذهب المالكي وترسخه في المناطق التي دخلها على الرغم من مزاحمة بعض المذاهب الفقهية له، فلقد تمكن المذهب المالكي من اكتساح مناطق شاسعة من العالم الإسلامي، ومن هذه المناطق شبه الجزيرة العربية والتي منها تفجر وفيها انتشر، فقد كانت الغلبة للمذهب المالكي فيها طيلة عدة قرون، إلى أن زاحمته مذاهب فقهية أخرى، خاصة المذهب الشافعي ثم المذهب الحنبلي، وقد قامت بالجزيرة العربية دول حملت على عاتقها الحفاظ على المذهب المالكي ونشره في أصقاع الجزيرة، مثل دولة العيونيين والعصفوريين والجبوريين، ولقد كان لهذه الدول أثر كبير في القضاء على التشيع الذي كان منتشرا بشرق الجزيرة العربية، وعلى الرغم من انحصار المذهب المالكي بالجزيرة العربية كنتيجة حتمية لعوامل سياسية واجتماعية، حافظ المذهب المالكي على وجوده بالأحساء شرق المملكة العربية السعودية وله فيها علماء بارزون كآل الشيخ مبارك، كما ظل هو المذهب السائد في كل من إمارة أبوظبي وإمارة دبي، ولم يزل كذلك في دولة الكويت وقطر والبحرين، مع ملاحظة أن ما يعرف بالحركة السلفية في دول الخليج قد أثرت ويمكن أن يزيد تأثيرها بشكل سلبي على وجود المذهب المالكي بدول الخليج، فيفقد بذلك هذا المذهب السني الذي طالما وقف في وجه البدع والضلالات آخر معاقله.