الفقه الافتراضي عند المالكية تأصيلا وتطبيقا

Abstract

لقد حفظ الله لنا هذا الدين وسخر له أئمة يبلغونه لمن بعدهم جيلا بعد جيل،وجعل في كل جيل مجتهدين وعلماء ربانيين يعلمون الناس أحكام الشريعة ويفقهونهم في الدين، فكانوا هم المرجع وعليهم مدار الفتوى، يجتهدون في استمداد الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة النبوية. ولما كان الفقه الاسلامي فقه مرن يسع جميع مجالات الحياة وميادينها دل ذلك على شمولية الشريعة الغراء واستمرارها مع ثباتها ورسوخها، ولأن الواقع قد تغير فقد كان بالأمس بسيطا وأضحى اليوم معقدا بسبب التغيرات والمستجدات اليومية التي تحتاج للبحث والإجتهاد لمعرفة حكم الله فيها مواكبة لتطورات الحياة، لأن الإكتشافات والأبحاث العلمية والتطورات السريعة أدت إلى تغير كثير من الأحكام الإجتهادية مما جعل الفقهاء يفترضون مسائل لم تقع ويجتهدون في وضع حكم شرعي لها. إن إعمال الفقه الإفتراضي يزيد في حركية الفقه ونموه -إذا استوفى شروطه- لأنه يعمل على إيجاد حلول لقضايا لم تقع من قبل، فالفقه الإفتراضي استشراف للمستقبل فهو يربط ماضي الشريعة بحاضرها ويجمع فروعها بأصولها، ويقدم لكل جديد حكما سريعا ولا يترك النازلة عند حدوثها معلقة حتى يصل الفقهاء إلى نتيجة البحث فيها، وإنما يقدم حلولا وأحكاما مناسبة للنازلة قبل وقوعها فإذا ما نزلت كان حكمها جاهزا حاضرا ،وهذا دليل على مرونة الفقه وصلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان. ومما يجدر لنا الإشارة إليه: أن الفقه الإفتراضي وجد قبل أبي حنيفة ولم يحدثه هو وإنما نماه وأنضجه وأكثر فيه من التفريع والقياس، فاشتهر به مذهبه، ثم انتشر بعد ذلك في المذاهب الأخرى، وللمالكية مسائل افتراضية شتى منثورة في أبواب الفقه. وأخيرا فالفقه الإسلامي تراث خصب للبحث والدراسة والوقوف على ما تركه علماؤنا من زاد علمي ومعرفي كبير لا غنى للمتفقهين في الدين عن الإطلاع والبحث في طياته خاصة في مثل هكذا مواضيع