القوافل التجارية بين حاضرة تلمسان وإقليم توات وممالك بلاد السودان الغربي

Abstract

ازدهرت تجارة القوافل بين حاضرة الزيانيين, وإقليم توات , وممالك السودان الغربي إبان القرن السابع إلى غاية القرن التاسع الهجريين( الثالث عشر إلى غاية الخامس عشر الميلاديين), فيرتحل تجار القوافل مرة في الحول انطلاقا من تلمسان ومرورا بإقليم توات ليصلوا إلى ممالك بلاد السودان الغربي. وقبل ارتحال الركب , يجتمعون ويتهيئون للسفر بتوفير وسائل النقل, وضبط طرق ومسالك الرحلة, والتزود بالماء والغذاء, واكتراء الدليل. وبعد ذلك ينشغل كل تاجر بأمتعته فينظمها فوق راحلته, لتبدأ رحلة القافلة, فتقطع مسافات شاسعة, تواجه فيها بعض المخاطر كندرة الماء, والرياح, والعواصف الرملية, والضياع, وقطاع الطرق. تتفرع من تلمسان مسالك برية, تسلكها القوافل التجارية, إلى إقليم توات ثم إلى ممالك بلاد السودان الغربي, تتضح في الخرائط بصورة خطوط متوازية ومتقاطعة: فالأودية المنحدرة من الأطلس الصحراوي, نحو الجنوب, والجنوب الغربي أو الشرقي, تشكل دروبا تنمو بها بعض الأعشاب لاسيما في الحمادات والعروق, مما يعطي قابلية للحياة سواء للإنسان أو الحيوان فيها ولو لمدة قصيرة خلال السنة, ويفضي إلى فتح ممرات, تيسر التوغل في فيافي الصحراء. كذلك الواحات الموزعة, في صورة خطوط متوازية بين جبال الأطلس الكبير بأقصى المغرب وبين التخوم التونسية- الليبية, تمثل بؤر للتقاطع والالتقاء, وهي المحطات المهمة للتبادل التجاري في المنطقة؛ كذلك كانت الصحراء محطة عبور مستمر ومنظم, وثقت الصلة في العصور الوسطى بين أهالي الشمال والجنوب كما وطدت الصلة بين الكثير من المدن المغربية بإقليم توات وبلاد السودان الغربي, منها تلمسان, التي راجت التجارة فيها بعد دخول الهلاليين إلى بلاد المغرب في القرن الخامس الهجري( الحادي عشر الميلادي ). وابتداء من القرنين الخامس والسادس الهجريين (الحدي عشر والثاني عشر الميلاديين) كانت القوافل التجارية تخرج من تلمسان, متجهة غربا ناحية فاس ومن هناك تأخذ مسلكها صوب سجلماسه نحو إقليم توات لتتجه بعد ذلك إلى بلاد السودان الغربي...