التصوف سبيل إلى وحدة المشاعر الإنسانية

Abstract

كان الله ولم يزل قبلة التفكير الإنساني، فمنذ الوثنيات القديمة إلى عصور الفكر والفلسفة والإندماج بالطبيعة... إلخ كان التطلع إلى السماء.. إلى الله سمة عمّت الكون جمعاء.. كل يفكر فيه بطريقة خاصة ويشعر به ويحسّ بوجوده كيف توجّه وأينما حلّ .. لذلك كان فكرة الإله وتصوّره م ا رفقة لحياة الإنسان منذ عفويته إلى تعقيد تفكيره.. ويأتي زمن الرسالات السماوية ليجلي الصورة، ينظر فيها ويدقق ويمتلئ قلبه إيماناً وتقىً وتطلعاً إلى لقاء ربّ عادل خالق السموات والأرض وما بينهما وفيهما.. ولم يكشف العقل الإنساني وبالتالي توابع الذات وما إليها من إحساس وشعور واد ا رك وتنبه وا ا ردة وانفعال، لم يكتف باكتشاف الإله المجرد بل أمعن يبحث عن طرق الوصول إليه في الدارين الأولى والآخرة. لكنّه في الأولى عمّق في بحثه لعلّه يلتقي بالإله الذي تصوّره، ليغمره ويذوب فيه ويصبح حالاً في ذاته، لذلك ا رح يجدّ في إبحاره في عالمه الخاص مبتك ا رً الوسائل والطرق للوصول إلى هدفه وهو معرفة الله على حقيقته. لذلك كان التصوّف تلك الحالة النفسية التي ندّت من عالم ذات الإنسان في شوقها إلى الإقت ا رب من الله والتعرّف إليه والحلول فيه. يتناول بحث "التصوّف سبيلاً إلى التلاقي الروحي الإنساني"، هذه الظاهرة الإنسانية لدى الشعوب سواء أكانت تابعة لأديان سماوية أم إلى معتقدات ابتدعتها لتكون ديانة معينة. وعلى ذلك كان يقتضي تناول التصوّف في كل رقع الأرض وينتقل من شعب إلى آخر، قبل الديانات السماوية وبعدها. ولذلك فإن البحث يفرد صفحات للحديث عن التصوّف عند الفرس قبل الإسلام وبعده، وعند الهنود والصينيين واليابانيين، علاوة على الحديث عن التصوّف في الأديان السماوية، لاسيما الإسلام والمسيحية. وهو لذلك ينقّب عن عوامل التوحد في هذ التصوّف ويظهر السمات الأساسية لهذا الإلتقاء الروحي الذي كان سبيلاً، في القديم والحديث، لتوحد الشعور الإنساني من خلال ظاهرة التصوف.